Thursday, May 13, 2010

بعيداً كنت




بعيداً كنت دائماً رغم قربك .. كنت دائماً هنا وأنا أبحث عنك هناك
هي غلطتي ؟!! ربما .. لكنها غلطتك أيضاً لأنك لم تنجح أبداً في إشعاري بوجودك ..
أو ربما كنت أشعر بوجودك لكن ليس بالصورة التي ارضاها وأتمناها ؟؟
تسألني عما جرى حين كنت قريباً بعيداً ؟؟

لمَ تسأل ؟؟!! لن تسعدك إجابتي بأي حال .

أنت مُصر ؟! حسناً سأخبرك ..

لقد بحثت عنك كثيراً يا أبي .. بحثت عنك في أستاذي الحنون الذي - اعترف - لم يكن بارعاً أبداً في تعليمي دروسي

لكنه كان ماهراً حقاً في تدليلي .. في الانبهار بي وبذكائي .. بإشعاري دوماً أنه فخورٌ بي .

ومرت السنون وانتهت حجة بقائي قربه .. وبدأت من جديد في البحث عنك

بحثت عنك حتى وجدت الصورة التي أرضاها في ذلك البائع الحنون الذي أمر عليه كل يوم في طريقٍ اكتشفته بالمصادفة

ولكنه أصبح من يومها طريقي الوحيد .. رغم طوله وارهاقه لي ..

كنت أتعمد الذهاب اليه وأسأله عن أشياء لا احتاجها وأعلم جيداً انها ليست عنده لكنني كنت أحب أن اسمع منه

عبارته التي أعشقها

" سامحيني يا صغيرتي .. ليس لدي ما تريدينه "

ولم يكن يعلم أن حنوه فقط هو كل ما أريده !

بالمناسبة يا أبي .. أتعرف أنك أبداً لم تنادني بـ " صغيرتي " .. دائماً ما كنت جاداً معي حتى انني أشعر وانت تحادثني أني ولدت في الثمانين من العمر .

أتعلم أيضاً أنك لم تعتذر لي أبداً ، رغم أنك لم تستطع أبداً منحي الشيء الوحيد الذي اريده بالفعل !

ومرت السنون وكنت قد قنعت بهذا القدر من الأبوة الذي استرقه من البائع العجوز .. حتى جاء اليوم الذي أغلق فيه دكانه للأبد

ولم أصدق - حتى الآن - أو لعلي لا أريد أن أصدق - أن السبب في إغلاق دكانه هو وفاة هذا الرجل الطيب .. ربما هو مريض

بالتأكيد هو مريض .. كيف يموت دون أن أقبله على جبينه قبلة الوداع وأسترق منه الكثير من الحنان الذي قد يعينينى على الأيام من بعده ؟!!

كل هذا الوقت وأنت كما أنت .. وأنا كما أنا .. أبحث عنك في كل مكان إلا فيك

حتى وجدتك أخيراً بعد أن كاد بحثي عنك يوردني المهالك .

تسألني ماذا تغير فيك حتى وجدتك أخيراً ؟؟!!

لم يتغير شيء على الإطلاق .. بل أن التي تغيرت .. نضجت قليلاً

أو ربما كثيراً !!

وحاولت أن أقنع الطفلة الظامئة للحنان بداخلي أن النذر اليسير جداً من الحنان الذي قد أجده لديك أفضل بكثير من أن أهلك في احدى مغامراتي المجنونة للبحث عنك

وقد كانت طفلة طيبة بحق .. فقد رضيت - بعد الكثير من البكاء - أن تقترب منك لتتقلص المسافة بيننا شيئاً فشيء

على أمل أن تتلاشى ذات يوم وأنعم للمرة الأولى بالاختباء في حضنك الذي أتمنى أن يكون دافئاً .

سارة درويش

2 comments:

المطلعة said...

جميلة جدااااااااااا

المطلعة said...

والله العظيم انت لمستى جرحى فبكيت
انتهى الكلام من على لسانى وما اجد ما اعبر به عما فى قلبى ..........................

آخر الأخبار